«الفنر».. رمز التراث وأيقونة الإنارة التقليدية

مريم الزعابي

يُعد «الفنر» واحداً من الرموز التراثية التي ارتبطت بالحياة اليومية للمجتمع الإماراتي في الماضي، حيث مثل جزءاً أساسياً من الحياة البسيطة التي عاشها الآباء والأجداد، «الفنر»، الذي يُعرف أيضاً بالمصباح التقليدي أو مصباح الزيت كان هو الوسيلة الأساسية للإضاءة قبل انتشار الكهرباء وهو ليس مجرد أداة للإضاءة فحسب، بل يحمل في طياته ذكريات وأصالة تعكس تراث دولة الإمارات وثقافتها.

ويُعد «الفنر» من أبرز الأدوات التقليدية التي عكست تميز التصميم ووظيفته العملية في آنٍ واحد، مما أعطاه أهمية بارزه وجعله جزءاً لا يتجزأ من التراث الإماراتي فقد اجتمع في «الفنر» الإبداع البشري والبساطة التي تخدم احتياجات الحياة اليومية، مما جعله أداة ضرورية للإضاءة وواحداً من رموز الأصالة والتراث.

ويتألف الفنر من هيكل معدني متين يُراعي التحمل والاستخدام طويل الأمد وزجاج شفاف يحمي اللهب من الرياح ويسمح بانتشار الضوء بفاعلية ويتميز تصميمه بالبساطة التي جمعت بين الوظيفة والجمال، حيث يظهر بشكل مستدير أو مستطيل يحقق التوازن بين المظهر العملي والجمالي.

ويُجهز بفتيلة تُشعل باستخدام الزيت مع غطاء علوي لتوجيه الضوء وحماية الشعلة، وهذا التصميم المدروس يجعل الفنر مثالاً على الهندسة البسيطة التي تركز على احتياجات الإنسان بأدوات متينة وفعّالة.

وظيفة عملية

في الماضي، كان الفنر جزءاً أساسياً من الحياة والأنشطة اليومية، حيث كان يُستخدم في المنازل لإضاءة الغرف والمجالس فيهرب الظلام من منازلهم ويحل النور القادم منه ليُنير الدروب والبيوت والحواري أيضاً، ولم يقتصر استخدامه فقط في البيوت والطرقات بل كان رفيقاً للأجداد والآباء في رحلات البحث عن اللؤلؤ، ما جعله رمزاً للعمل الجاد والصبر الذي اتسمت فيه حياة الأوليين.

ويُعد أيضاً مظهراً من مظاهر الاحتفال، حيث تم استعماله في الأعراس وليالي الأفراح وكان الأجداد والآباء يستخدمونه للاسترشاد به في حارات القرى إذا اضطروا للخروج ليلاً من منازلهم.

رمز وشاهد

يمثل اليوم رمزاً للتراث الإماراتي والهوية الوطنية، حيث يعكس ماضي الدولة وترابط أهلها مع بيئتهم، ولأنه جزء من الحياة القديمة فهو يعد شاهداً على التحولات الكبرى التي شهدتها الإمارات من مجتمع بسيط يعتمد على موارده المحدودة إلى دولة حديثه ومتطورة.

ويتم الاحتفاء به كعنصر تراثي في المناسبات الثقافية والفعاليات التراثية التي تقام في الإمارات مثل، مهرجان الشيخ زايد و«أيام الشارقة التراثية»، حيثُ يتم عرضه كجزء من المقتنيات التراثية التي تُعرف الأجيال الجديدة بأدوات الحياة القديمة. ويتم استخدام «الفنر» اليوم لإضفاء لمسة كلاسيكية وأصالة على الأماكن، ويُعرض في الأسواق التراثية كهدايا تذكارية تحمل روح الماضي، ومازالت قصصه تتغلغل في ذاكرتهم ويسترجعون معها صوراً وأسماء عديدة لأناس يحجزون في الذاكرة أماكن مميزة.

دلالات عميقة

«الفنر» ليس مجرد أداة قديمة للإضاءة بل هو رمز عريق يحمل دلالات عميقة تعكس كفاح وعبقرية الأجداد في استخدام الموارد البسيطة، وظيفته العملية جعلته رفيقاً ضرورياً لحياة الأجداد والآباء وتصميمه المُتقن جعله رمزاً للأصالة والابتكار الذي يتجاوز حدود الزمن، و«الفنر» اليوم شاهداً على التراث الإماراتي وجسراً يربط الماضي بالحاضر وربط الأجيال الجديدة بماضيها العريق.