التعليم عام 2050 «2 ــ 2»

في جلسة حوارية حول المقال الصحفي ودور كُتّاب المقالات في خلق الوعي المجتمعي بين الجماهير، طرح سؤال حول احتمالية أن يحل الذكاء الاصطناعي محل صنّاع المحتوى وكُتّاب المقالات، فلا تعود البشرية بحاجة لهؤلاء، لأن هناك من سيقدم كل شيء بضغطة زر، بينما نحن لا نزال نتحدث عن صحافة بالشكل التقليدي وقيود على النشر وممنوعات لا أول لها ولا آخر!

كثيرون يمانعون هذه الفكرة، أو لنقل لا يرحبون بحدوثها، لأنها فكرة مخيفة وتهدد الكثير من الثوابت والمصالح وما تعوّد عليه معظمنا، كما أنها تنقلنا لعالم مجهول؛ احتمالات معرفته بدقة وسرعة ضعيفة في الوقت الحاضر، لذلك يفضل الكثيرون التعامل مع ما يعرفون (الإنسان لا يزال عدواً لما يجهل)، ومثل هذا التهديد ينطبق على كل شيء، وأول ما يشغل بال الكثيرين، حكومات وأفراداً، هو التعليم وكيف يمكن أن تحتله التقنيات المتقدمة وتلعب دور الإدارة والكتاب والمنهج والمعلم!

لكن التاريخ يقول إن ذلك سيحدث فعلاً، وإن الطالب سيأتي عليه زمن لن يأخذ معلوماته ودروسه وتوجيهاته الدراسية من المعلمين وإدارة المدرسة، ربما سيتعلم ذاتياً، وربما سيدخل الطلاب إلى فصول يتناوب على تعليمهم روبوتات، وربما تتم العملية التعليمية من المنزل عبر برامج وفي غرف الزووم والمحادثات، لكن بشكل أكثر تطوراً، لن يكون هناك ضرورة للمعاجم والمراجع والذهاب للمكتبات وتلخيص الكتب و.. إلخ! هناك شكل ومحتوى مختلفان تماماً للتعليم والعملية التعليمية؛ مختلفان عما هو عليه الآن!

ماذا سيبقى من المدرسة والمعلم ودوره؟ هذا هو التحدي الأكبر الذي يقف أمامه المدافعون عن التعليم ودوره وأخلاقياته، وهذا هو السؤال الذي يحيّر الجميع، ما الذي ستعجز التقنية عن توفيره للطلاب؟ ما الذي لن يستطيع الطلاب قبوله من الروبوت، لأنه غير مؤهل لأدائه؟ لنسأل أولاً هل سيبقى تفكير الناس بعد سنوات طويلة من الآن، أي بعد 25 عاماً، كما هو اليوم؟