ماذا لو.. أغلقنا الملفات العالقة؟

في عشرينيات القرن الماضي، بينما كانت سيدة جميلة تستمتع بوجبتها في أحد المطاعم، لاحظت شيئاً لفت انتباهها. أثناء جلوسها في المطعم بدا لها النُدُل العاملون في خدمة الزبائن لا يحملون معهم ورقة وقلماً وقت تلقيهم لطلبات الزبائن.

كان العاملون يحفظون عن ظهر قلب كل الطلبات إلى أن ينتهي الزبون ويدفع الحساب، بعدها وكأن العامل يغلق ملف الزبون في ذهنه وينتقل إلى غيره.

كانت هذه السيدة هي عالمة النفس الروسية بلوما زيغارنك والتي درست هذه الظاهرة لفهمها بشكل أفضل وكيفية استخدامها للتذكر وحل الأمور العالقة، لتحقيق الأهداف ومحاربة المماطلة. اتضح لاحقاً أنه بشكل أو بآخر أن أدمغتنا غالباً لا تتوقف عن التفكير في المهام غير المنتهية، فعندما نبدأ بعمل ما ولا ننهيه، يتبقى جزء منه في ذاكرتنا ويستمر بملاحقتنا كالهاجس حتى نكمله.

يمكن اعتبار تأثير «زيغارنك» سلاحاً ذا حدين، فإما أن يزيد من قلقنا وتوترنا بسبب الأشياء العالقة وغير المنتهية في أذهاننا، أو من الممكن استخدامه لصالحنا لإكمال ما نود استكماله والبدء بأمور جديدة أخرى. على سبيل المثال يمكننا استخدام هذه الظاهرة في التعلم أو في إنهاء المشاريع، خصوصاً إذا أنشأنا استراتيجية صحيحة تعيننا على ذلك؛ فعندما نعمل على حل مشكلة أو عند دراسة مسألة ما، من المهم أن نأخذ قسطاً من الراحة وننشغل بشيء آخر ثم نعود لاستكمال ما بدأناه، بهذه الطريقة نحن نساعد عقولنا بشكل غير واعٍ لإيجاد حلول إبداعية للمشكلات العالقة أو في فهم المسائل بشكل أفضل، حيث تعد طريقة الانشغال المتعمد من ثم العودة إلى ما بدأناه من التقنيات الجيدة والمعينة للانتهاء من الأعمال.

ماذا لو قمنا باستثمار تأثير «زيغارنك» في خلق عادات تساعدنا على إنهاء أمورنا العالقة بشكل أفضل؟ ماذا لو حرصنا قدر الإمكان بعدم ترك الأمور حولنا عالقة وأنهيناها مسألة تلو أخرى حتى نكون أكثر استعداداً للبدء في مهام جديدة؟