فكرة الخلود وأساطير الأولين

غمرت ثيتيس ابنها آخيل في نهر ستيكس ليصبح منيعاً ضد الموت، ولكن المياه لم تطل كعب قدمه اليسرى الذي أمسكته أمه منه، ما تسبب لاحقاً في موته بسهم مسموم. وثيتيس في المثيولوجيا الإغريقية هي الواضعة - الداية - التي رعت ولادة آخيل. وستيكس نهر، وصفته الإلياذة الشعرية، بأنه يطوف سبع مرات حول عوالم سفلية. بغية المزيد يمكن مشاهدة فيلم «حصان طروادة»، الذي يتحدث عن إحدى المعارك التي حسمت حرباً ضروساً استمرت 10 سنوات - في القرن 11 ق م - بين أسبارطة اليونانية وطروادة، تلك المدينة المزدهرة، الواقعة في مدخل الدردنيل؛ المجرى المائي الرابط بين بحر إيجة وبحر مرمرة، بمنطقة الأناضول في تركيا الحالية. وبالفعل، ففي الفيلم المذكور، يُقتل آخيل بسهم استهدف كعب قدمه اليسرى، المنطقة التي لم يغمرها الماء.

الخلود، فكرة لطالما شغلت أذهان البشر عبر الأزمان، وقبل الأديان بقرون، من أقدم الأساطير إلى أفلام الخيال السينمائية، كانت الفكرة مثيرة للجدل والاهتمام، من الفاكهة المحرمة التي تمنح الحياة الأبدية لمن يأكلها، كما اعتقد القدماء، مروراً بملحمة جلجامش ونبتة الشباب الدائم الموعود، التي سرقتها منه الأفعى، وليس انتهاءً بالإسكندر الأكبر، وبحثه المحموم عن نبع الحياة في أدغال آسيا، ولكن الإسكندر، ويا للمفارقة، توفي مسموماً في بغداد.

إن عذابات الإنسان وهمومه في الحياة، تدفعه إلى التطلّع إلى هذه المستحيلات أنها ممكنة الحدوث. ما إن تطالها يده حتى يتحقق المنال. فكرة كهذه، كانت تريحه نفسياً، أقله، كان يعوّض بها إخفاقه، حينما يقفل عائداً إلى كهفه المهجور في المساء، خالي اليدين من صيد تخيله ثميناً، يتقوّت به وزوجه. هل كانت فكرة الخلود محاولة أو حيلة نفسية مشروعة، لإطالة عمر الأمل لاستمرار العمل؟ ربما. ولكن، ماذا لو تحقق ما ذكرته أساطير الأولين من أمانٍ لأصحابها؟ هل سيسعدون، أم سيجدون حياة بلا معنى، تشجعهم على عيشها؟ وترك له مصطلح «حصان طروادة» أبعاداً مختلفة.