مندوبٌ لكلّ مسلمٍ أن يتقرّب إلى الله تعالى بالتدبّر في معاني أسمائه الحسنى، وتذوّق جلال حضورها في هذا الكون البديع وفي حياة العبد الخاصة {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}؛لأنّ فهم معانيها وتذوّق عمق حضورها في حياة الإنسان ومعرفة حظّ العبد من كل اسم هو مفتاح التوفيق والفقه الأكبر، ولذلك كان من دأب الأنبياء والأولياء كثرة اللهج بذكر الله تعالى من خلال أسمائه الحسنى تضرّعًا واستغاثة ودعاء ورجاءًا.

وها هو صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، يرفع أكُفّ التضرّع ويُطلق لسانه بالثناء على الله تعالى من خلال هذه الأبيات الجليلة التي يسبّح فيها ربّ الكون المعبود.

ويشهد بقلبه كلّ مظاهر التسبيح في الكون المشهود، فها هي السماء الواسعة تسبّح باسم ربّها المجيد العظيم بكلّ ما فيها من النجوم والكواكب والأقمار الدالّة بوجودها ونظامها على حكمة خالقها وعظمة مُدبّرها، فمن أراد سموّ الروح والرفعة الوجدانية فليُطلق لسانه بالثناء على مولاه المجيد العظيم فإنّ ذلك علامة من علامات المحبة والولاء والتحقّق بمعنى العبودية.

فإنَّ مَنْ أحبّ شيئًا أَكْثرَ مِنْ ذِكره، ثمّ يناديه سبحانه بأسمائه العظيم والحليم والفرد ليشكره على نعمه الكثيرة المتتابعة، فمن عطاياه سبحانه دامت هذه النِّعم وزادت هذه الآلاء، فاستحقّ سبحانه أن تسبّحه البرايا وكلّ أصناف الخلق باسمه الحميد الذي يستحق به الحمد، وارتفعت أصواتهم بالدُّعاء شاكرين لهذا الربّ العظيم الذي اختصّ بهذه الأسماء الحسنى { هل تعلم له سَميّا }، ثمّ ازدادت وتيرة المناجاة في قلب صاحب السموّ، وشعرت الروح بحلاوة ترداد أسماءِ الله الحسنى فناجاه وناداه بأسمائه :

الأحد، الواحد، السميع، العليم والتي لكلّ واحدٍ منها أثرٌ عظيمٌ في سلوك العبد وتحقّقه بمعنى الأدب في مخاطبة مولاه الذي ينتهي إليه أمر كلّ شيء { وإنّ إلى ربك المنتهى } لتكون هذه المناجاة بالأسماء الحسنى تمهيدًا للثناء على الله تعالى الّذي يرزق الطير بغير حساب ودون أن تبذل أدنى جُهدٍ بسبب ما استقر في قلوبها الرقيقة من صدق الاتّكال على ربّها الذي يزيدها من خيره، ويُنمي لها العطاء ليكون ذلك درسًا للإنسان الذي يسعى ويكدّ ويشقى حين تنقطع صلته بمولاه.

ويتّكل على نفسه التي لا تُغني عنه شيئًا، فلو أحسن الظنّ بمولاه، وصدق في التوكّل عليه لساق له رزقه كما رزق هذه الطير التي نراها بأمّ أعيننا : تغدو خِماصا وتروح بِطانا.