هذا هو القسم الثاني الذي تكتمل به تسابيح أمس، حيث ما زال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، يطوف بنا في ملكوت التمجيد والتسبيح للعلي المجيد، وفي هذا المقطع يتسع أفق الرؤية والاستماع لتسبيح الكون بأجمعه للإله الواحد الذي يستحق كل هذا الإجلال والتعظيم، فالكون كله ناطق بلسان الحال والمقال بعظمة الإله الحق، ودالّ على وحدانيّته وفردانيّته سبحانه:

وفي كلّ شيءٍ له آيةٌ... تدلُّ على أنه واحد وهو ما نستشعره من هذه الأبيات الجليلة التي يؤكِّدُ فيها صاحب السموّ أنّ الثناء على الله تعالى هو واجبٌ من واجبات القلب والروح، فالذكر هو العبادة العظمى التي تنافس فيها أهل المعرفة والذوق، {ولذكر الله أكبر}، هذا الإلهُ الرَّحيم الذي اقتضت رحمته بعباده أن يُرسل إليهم الرُّسُل، ويُنزل عليهم الكتب كي يهتدوا بما تشتمل عليه من النور والضياء، فإنّ ظلمات الحياة لا يكاد ينجو منها إلا من استعصم بنور الكتاب والسنة، لأنّ ذلك هو ثمرة ولاية الله تعالى للمؤمنين الذين يخرجهم من الظلمات إلى النور:

{الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور}، وكلّ ذلك من أجل الفوز يوم البعث العظيم، يوم تُنصب الموازين، وتُنشر الصُّحف والسجلات، ويرى الناس من الأهوال ما تشيب له الولدان، حينها ينقطع الرجاء إلا من عفو الله تعالى، وتضمحلّ الأسباب إلا الأمل في رحمته.

ويكون الشفيع المقدّم في ذلك اليوم العصيب هو سيّد الخلق أجمعين سيّدنا ورسولنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم الذي ينهض بأعباء الشفاعة العظمى ويقول: أنا لها، أنا لها، بعد أن يدفعها خيار الأنبياء عن أنفسهم بسبب هول ذلك اليوم العظيم، عندها يكون الأمل الوحيد للعبد هو ما عبّر عنه صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد الذي يرجو من الله تعالى أن يجعل سيّدنا محمّداً صلوات ربّي وسلامه عليه شفيعاً، مع رجاء القلب أن يغفر الله جميع الذنوب ويتولى عبده بالصفح والغفران في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.