الحمدُ هو الثناء الكامل على الله تعالى، والألف واللام فيه لاستغراق جنس المحامد، وهو مقامٌ شريف من مقامات الدين افتتح به الله تعالى خلقه، وافتتح به كتابه، وجعله خاتمة الفصل بين العباد: {وقيل الحمدُ لله رب العالمين}، والقلوب السّعيدة المستنيرة هي الّتي يوفّقها الله تعالى للوقوف في مقام الحمد شكراً لله على جميع نعمه التي لا يُحصيها العَدُّ، وها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، قد وقف في هذا المقام الشريف، وترنّم بهذه الأبيات الفيّاضة بكل شكرٍ وامتنانٍ للكبير المتعال من خلال إجالة الطَّرْف وإنعام النّظر في مشاهد النِّعَم وفواضل الكرم التي أسبغها علينا المولى الحميد، فينطلق لسانه بالحمد للربّ تعبيراً عن عظمة الربوبية التي لها العزّ والمجد، وشكراً على كل نعمة بثّها الله في الوجود حيث افتتح البيت الأول بجملة «لك الحمد» واختتمه بالجملة نفسها تعبيراً عن عمق الإحساس بهذا المعنى العميق في النفس، ليتساءل بعدها بأسلوبٍ استنكاريٍّ عن شيءٍ لا يمكن تصوّره وهو وجود شريك مُضادٍّ للرّحمن جلّ جلاله، وأين سيكون ذلك الضدّ إذا حان موعد الحساب حين يتجلّى المولى العظيم بصفة القهر والجبروت وينادي على عباده {لمن المُلك اليوم}، ثمّ يجيب نفسه الكريمة بقوله {لله الواحد القهار} ليعود صاحب السمو إلى استذكار جلائل النعم التي يمدُّ الله بها عباده، فما المدّ والعطاء إلا من الله سبحانه يرسلهما من مشكاة الرحمة والجود، فمن هذا الجود تتضاعف الخيرات والبركات، وتُسبَغ النعم، ويزداد العبد ثناءً على الله تعالى وشكراً له لأنّ في ذلك رضا الله سبحانه القائل في كتابه حثّاً لعباده على تحقيق مقام الحمد والشكر: {إن تكفروا فإن الله غنيٌّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يَرْضَهُ لكم} لتكون خاتمة هذا المقطع تأكيداً على الثبات على العهد بدوام ذكر الله تعالى وتوحيده بالثناء عليه، وصدق اللجوء إليه طول هذا العمر الذي يزداد نوراً وبركة كلّما ازداد الإنسان إقبالاً على مولاه، وجعل لسانه رطباً من ذكر الله، ولسان حاله يقول: إذا مرضنا تداوينا بذكركمُ ونترك الذكر أحياناً، فننتكسُ.
