ما زال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، يعيش نعمة الوقوف في مقام الحمد، ويرطب لسانه بذكر أشرف النعم التي أسبغها الله تعالى على عباده، وها هو ببصيرته الثاقبة يلتفت إلى واحدة من أجل النعم المعنوية التي لا يكاد يلتفت إليها إلا أصحاب البصائر المستنيرة بنور المعرفة، تلكم هي نعمة إنزال القرآن التي جعلها الرحمن أعظم نعمة، حين قال في معرض الجلال والامتنان: { الرحمن * علّم القرآن } فلم يقدم عليها نعمة من النعم والآلاء التي اشتملت عليها سورة الرحمن، ثم شفع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هذه النعمة بذكر نعمة الإسلام، هذه الملة الصافية الصحيحة المحفوظة بحفظ الله تعالى للقرآن، فهذه لعمر الحق هي رأس النعم عند أصحاب البصائر، لكن النظر القصير عند كثير من الناس لا يرى النعم إلا في مأكل ومشرب ومركوب وملبس، فجاءت هذه اللفتة العميقة من لدن سموه مفسراً سبب فخامة شأن هذه النعمة بأن بها هداية العبد إذا زاغ عن طريق الحق، ومعلوم أن أصحاب المقامات العالية في الدين يلهجون دوماً بدعاء { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا } فلأجل ذلك يرفع العبد آيات الشكر والامتنان للإله الرحمن شكراً مضاعفاً كلما ذر قرن الشمس في كل شروق تعبيراً عن صدق الاتكال ويقين الرجوع إلى الله تعالى، واعترافاً بما قد يقع من العبد في حياته من المعاصي والذنوب، فإن العبد ما يزال بخير ما دام لسانه رطباً من ذكر ربه بالاستغفار والتسبيح والثناء على الله تعالى، راجياً من ربه أن يظل قريباً منه برحمته ولطفه، فلا يجعله مع البعداء الأشقياء، ممن سكتت ألسنتهم عن دعاء ربهم الذي يجيب من دعاه، ويعطي من أمله، ويقبل توبة التائب، ويسبل ستره وعفوه على كل عبد فر منه إليه، لأن قاعدة الحياة أن كل من خاف شيئاً فر منه إلا الخائف من الله فإنه يفر إليه، ويلقي بأثقاله بين يديه، فيتلقاه بالرحمة والإحسان والصفح والغفران.