هذا هو القسم الثاني من قصيدة «سجدت باسمك إلهي عالي الشان» وهي قصيدة متميّزةٌ في مبناها ومعناها في سياق التجربة الروحيّة لصاحب السمو الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله.
حيث ما زال يقصّ علينا حديث القلب وهو في مناسك الزيارة لبيت الله الحرام، فقد طاف حول الكعبة التي هي من الشعائر العظمى، وسعى بين الصفا والمروة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع الصالحين الذين يستذكرون قصة هاجر مع وليدها إسماعيل عليهما السلام.
حيث يلين القلب من العيش في تلك الذكريات، ويشعر العبد بنوعٍ فريدٍ من الإحساس في تلك الديار المباركة حين تنساب فيوض النور على القلوب المخبتة المنيبة، فتحيي الروح والقلب تحقيقاً لقوله تعالى:
{أَوَ من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كَمَن مَثَلُه في الظلمات ليس بخارجٍ منها} فحين يخشع القلب تأتي التحية بالسلام {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربُّكُم على نفسه الرحمة} وهنا يرتفع نداء القلب منادياً خالق النور أن يملأ قلبه بالنور الإلهي، فإنّ سعادة العبد كلّها إنّما هي فيما يصل إلى قلبه من نور الله.
حيث يقف مُنكسراً رافعاً يديه بالدعاء طالباً من ربّه أن ينظر إليه بعين الرحمة، بعد أن طال وقوفه في جنح الليل وهو يناجي ربه ويدعوه أن يلطف به، لينبثق النور دفعة واحدة حين داهمه شعورٌ عميقٌ يستعصي على الوصف، وما زالت النفس تعيش في روعة إحساسه حيث لاح له أنّه يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتبى من خير قبائل العرب من نسل عدنان جدّ العرب الشماليّة في جزيرة العرب.
والذين اصطفاهم الله تعالى على غيرهم، وجعل منهم خيرة أنبيائه ورسله محمّد صلى الله عليه وسلّم الّذي التفّ حوله صحابته كالنُّسور يُفدّونه بأنفسهم وأموالهم وآبائهم وإخوانهم في مشهدٍ فريدٍ لم تعرف له البشريّة نظيراً في الحُبّ والطاعة والولاء.
