هذا هو القسم الثاني الأخير من ابتهال «شراب راق لي»، الذي كتبه صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في سياق تجربته الروحيّة الثمينة، التي تُعَبِّرُ عن عمق إحساسه بالمعاني الدينية الّتي بها قِوامُ الرّوح، وجمالُ الحياة، وصدقُ اللجوء إلى الله تعالى، وفي هذا المقطع من هذا الابتهال الجميل، يفتتح صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد هذا القسم بالبراءة من الشك وكُفر النعم، فالشكُّ ناشئٌ من فساد العقيدة، وعدم انشراح الصدر بالإسلام.

وهو لهيبٌ يشتعل به القلب الشكّاك، ويحرِمُه السَّكينة، وكُفْرُ النّعمة ناشئٌ من فساد السلوك، وعدم تقدير النعمة، وقد قصّ الله تعالى علينا عاقبة كلّ الأمم التي كفرت نعمة ربّها، وخصوصاً قصة أهل سبأ، الذين كفروا نعمة ربهم، فأبدلهم الله جنتيهم بجنتين ذواتي أُكُلٍ خمطٍ وأثْلٍ وشيءٍ من سدرٍ قليل، بعد أن كانت تَرْفُل في ثوب النعمة السابغ.

كما يبرأُ سموّه من أهل النّفاق، الذين يُخفون الكفر في بواطنهم، كما يشكو مما حلّ بأهل هذا الزّمان من الأمور والمخالفات الّتي خرجت عن نطاق الشرع، ولم تَعُد مقبولة في سياق الأخلاق، فقد كثُرت المخالفات، وأنكر النّاس نعمة خالقهم عليهم، وظهر منهم كُفْر النعمة، بدلاً من شكرها، ليرتفع الصّوت بالدُّعاء، طلباً من الله تعالى أن ينقذ الإسلام وأهله من هذه الشرور التي أطبقت عليه من كلّ مكان، وتجلّى ذلك في تداعي الأُمم على بلاد الإسلام، كما تداعى الأكلَة إلى قصعتها، وقد أمسى الإسلامُ وأهله في حالةٍ صعبةٍ، بسبب ما يُلاقيه من صنوف القهر والذُلّ، بعد أن غلب عليهم أهل الملل الأخرى، فلم يبقَ للمسلمين سوى اللجوء إلى الله تعالى، وهو ما عبّر عنه صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد في البيت الأخير من هذا الابتهال، حيث لجأ إلى الله تعالى، متشفّعاً إليه بهدي المصطفى، الذي يحرصُ على الاقتداء به، وسلوك سبيل النجاة من خلال متابعته والعمل بسنّته، صلوات ربي وسلامه عليه.