المدربون التوانسة يجددون حضورهم في الكرة المصرية


أنيس بوجلبان
أنيس بوجلبان

شهد الدوري المصري في السنوات الأخيرة تزايد اعتماد الأندية على المدربين التوانسة، حيث باتت المدرسة التونسية إحدى أبرز التيارات التدريبية في المسابقة، وجاء تعيين أنيس بوجلبان مديراً فنياً للنادي المصري ليعزز هذا الاتجاه، خصوصاً أنه أول مدرب تونسي سبق له اللعب في الدوري المصري قبل أن يعود إليه مدرباً، هذا التحول يفتح الباب أمام عدة تساؤلات حول قدرة اللاعبين السابقين على النجاح في عالم التدريب، والتحديات التي تواجههم، فضلاً عن التأثير المتزايد للمدرسة التونسية على الكرة المصرية.

ولم يكن أنيس بوجلبان أول مدرب تونسي يخوض تجربة في الدوري المصري، فقد سبقته عدة أسماء بارزة أسهمت في تعزيز حضور المدرسة التونسية داخل الملاعب المصرية، البداية كانت مع نصر الدين نابي، الذي تولى تدريب الإسماعيلي عام 2015، لكنه لم يحقق النجاح المنتظر، إذ قاد الفريق في أربع مباريات فقط دون تحقيق أي انتصار، ليتم الاستغناء عنه بعد أقل من شهر من توليه المهمة، أما التجربة الأبرز فكانت للمدرب معين الشعباني، الذي وصل إلى الدوري المصري عام 2021 عندما تولى قيادة المصري البورسعيدي بعد نجاحه مع الترجي التونسي، وقدم الشعباني أداءً مميزاً خلال موسمه الأول، وحقق انتصارات مهمة، أبرزها الفوز على الأهلي، لكن مسيرته مع الفريق لم تستمر طويلاً، حيث غادر قبل نهاية الموسم بسبب خلافات حول ملف التعاقدات، وبعد فترة قصيرة، عاد الشعباني إلى مصر عام 2023، عندما تولى تدريب فريق سيراميكا كليوباترا، إلا أن تجربته الثانية أيضاً لم تدم طويلاً، ليغادر الفريق سريعاً.

ومع تزايد عدد المدربين التوانسة في الكرة المصرية، باتت المدرسة التونسية صاحبة الحضور العربي الأقوى في الدوري المصري، متفوقة على مدارس تدريبية أخرى مثل الجزائرية والمغربية، ويعود ذلك إلى عدة عوامل، من بينها تقارب أسلوب اللعب بين الكرة المصرية والتونسية، إلى جانب قدرة المدربين التوانسة على فرض الانضباط التكتيكي والتأقلم مع ضغوط الجماهير والإعلام، مما يجعلهم خياراً مفضلاً للعديد من الأندية المصرية الباحثة عن مدربين يمتلكون خبرة عربية ودراية بأجواء المنطقة.

وخلال تجاربهم في مصر، أسهم المدربون التونسيون في تطوير أداء عدد من اللاعبين المصريين، سواء على مستوى اللياقة البدنية أو الوعي التكتيكي، وهي نقطة تحسب لصالح المدرسة التونسية التي تجمع بين الصلابة الأوروبية واللمسة الفنية العربية.

ورغم الحضور المتزايد للمدربين التوانسة في مصر، إلا أنهم يواجهون تحديات كبيرة مقارنة بالمدربين الأوروبيين، حيث يُنظر إلى المدرب الأجنبي القادم من أوروبا على أنه صاحب خبرة أكبر، مما يجعله يحظى بفرص أطول للبقاء، في المقابل، يواجه المدرب العربي ضغوطاً أكبر لإثبات نفسه سريعاً، وغالباً ما يكون مستقبله مرهوناً بالنتائج الفورية.

ضغط

في ظل هذا التحدي والضغط الذي يواجه المدربين التوانسة في الدوري المصري يدخل بوجلبان مرحلة جديدة في مسيرته التدريبية، حيث يحط الرحال في بورسعيد لقيادة النادي المصري، واضعاً خبراته السابقة في خدمة الفريق، في خطوة تمثل تحدياً جديداً له في عالم التدريب، ويواجه اللاعبون السابقون تحدياً كبيراً عند انتقالهم إلى عالم التدريب، حيث لا تكفي الخبرة الميدانية وحدها لضمان النجاح الفني، فقد أخفق العديد من النجوم الذين تألقوا داخل المستطيل الأخضر في تكرار تألقهم كمدربين، بينما تمكن آخرون من فرض أنفسهم وإثبات جدارتهم في القيادة الفنية، وفي هذا السياق، تمثل تجربة أنيس بوجلبان مع المصري محطة حاسمة في مسيرته، حيث يسعى إلى تحويل معرفته وخبراته كلاعب إلى نجاح جديد من على مقاعد البدلاء.

سلاح ذو حدين

تجربة بوجلبان السابقة في الدوري المصري قد تمنحه أفضلية عند قيادة المصري، إذ يعرف أجواء الكرة المصرية وطبيعة المنافسة، فضلاً عن درايته بتفاصيل العمل داخل نادٍ كبير مثل الأهلي، وهو ما قد يساعده في التعامل مع الضغوط، لكن في المقابل، فإن نجاحه كلاعب لا يضمن له النجاح كمدرب، خاصة في ظل الفوارق الكبيرة بين الدورين.

ويواجه بوجلبان، كغيره من اللاعبين السابقين الذين دخلوا عالم التدريب، تحدياً يتمثل في فرض أسلوبه وإقناع اللاعبين برؤيته الفنية، فرغم ابتعاده عن الملاعب منذ سنوات واعتزال جيله بالكامل، إلا أن نجاحه في دوره الجديد يتوقف على قدرته على إدارة المجموعة، وخلق بيئة منضبطة ومتجانسة، تجمع بين الحزم والتحفيز، وهو ما يتطلب منه توظيف خبراته السابقة بطريقة تواكب متطلبات اللعبة الحديثة.

ولا شك أن تعيين أنيس بوجلبان على رأس القيادة الفنية للنادي المصري يمثل محطة مفصلية في مسيرته التدريبية، حيث يملك فرصة كبيرة لتثبيت أقدامه كمدرب ناجح في الدوري المصري، ومع ذلك، فإن المهمة لن تكون سهلة، خاصة في ظل المنافسة القوية بين الأندية وضغوط الجماهير التي لا تقبل سوى النتائج الإيجابية، فالتجربة الجديدة ستضعه أمام اختبارات حقيقية تتطلب منه إثبات قدراته التكتيكية والإدارية، وتقديم إضافة واضحة للفريق، ومع مرور المباريات، ستكشف المرحلة المقبلة مدى قدرته على التعامل مع التحديات، بينما تبقى المدرسة التونسية حاضرة وبقوة في المشهد الكروي المصري.