في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة المباريات، والحد من ظاهرة إضاعة الوقت، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» إدخال تعديلات جديدة على قوانين حراسة المرمى، والتي تتضمن السماح للحارس بالاحتفاظ بالكرة لمدة ثماني ثوانٍ بدلاً من ست، ولكن تم تعديل العقوبة عند تجاوز هذه المدة إلى احتساب ركلة ركنية بدلاً من ركلة حرة غير مباشرة، وذلك وفقاً لما نشرته صحيفة «آس» الإسبانية، وتثير هذه التعديلات تساؤلات جوهرية حول مدى تأثيرها على أداء الحراس وأسلوب اللعب في كرة القدم الحديثة، خاصة مع انتشار التكتيكات الدفاعية، التي تعتمد على تهدئة الإيقاع وتأخير استئناف اللعب للحفاظ على التقدم في النتيجة.
وتُعد إضاعة الوقت جزءاً من الاستراتيجيات، التي تلجأ إليها بعض الفرق للحفاظ على تقدمها، خصوصاً في الدقائق الأخيرة من المباريات، ومع دخول التعديل الجديد حيز التنفيذ بداية من الموسم المقبل سيجد الحراس أنفسهم أمام ضرورة التصرف بسرعة أكبر، مما قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في أسلوب اللعب.
وستواجه الفرق التي تعتمد على التكتل الدفاعي وتأخير اللعب صعوبة في تنفيذ استراتيجياتها المعتادة، حيث لن يتمكن الحراس من تهدئة الإيقاع عبر الاحتفاظ بالكرة لفترات طويلة، ونتيجة لذلك سيصبح من الصعب قتل الوقت في اللحظات الحرجة، مما قد يمنح الفرق المتأخرة في النتيجة فرصة أكبر للعودة إلى المباراة، خاصة في الدقائق الأخيرة، وفي ظل إجبار الحراس على التصرف بسرعة ستكون الفرق التي تعتمد على الضغط العالي قادرة على استغلال أي ارتباك أو خطأ في التمرير الناتج عن قصر الوقت المتاح للحراس، ومن المتوقع أن تستفيد الأندية التي تعتمد على الضغط المكثف لاستخلاص الكرة في مناطق متقدمة، من هذه التعديلات التي قد تزيد من نسبة الأخطاء الدفاعية.
إعادة تعريف
مع تضاؤل الوقت المتاح للحراس سيصبح اللعب بالقدم مهارة أكثر أهمية من أي وقت مضى، وهو ما قد يجبر الفرق على الاعتماد على الحراس القادرين على التمرير تحت الضغط، مثل إيدرسون (مانشستر سيتي) ومارك أندريه تير شتيغن (برشلونة).
ولم تكن هذه هي المرة الأولى، التي يُجري فيها الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» تعديلات تُعيد تشكيل دور حراس المرمى، فقد شهدت العقود الماضية تغييرات جوهرية أثرت بشكل مباشر على أسلوب لعب الفرق وتكتيكات الحراس داخل منطقة الجزاء.
يُعد الأرجنتيني إيميليانو مارتينيز، حارس مرمى أستون فيلا، أحد أكثر الحراس، الذين اشتهروا باستخدام إضاعة الوقت كأسلوب استراتيجي، سواء خلال اللعب المفتوح أو أثناء تنفيذ الركلات الثابتة، وخلال نهائي كأس العالم 2022 استخدم مارتينيز أساليب متعددة لتشتيت تركيز لاعبي فرنسا، مما جعله محط انتقادات واسعة، ويعتمد الحارس الأرجنتيني على الاحتفاظ بالكرة لأطول فترة ممكنة، وهي استراتيجية ستصبح أكثر خطورة عليه في ظل القاعدة الجديدة، حيث سيخاطر بمنح الفريق الخصم ركلة ركنية، وسيضطر الحراس الذين يعتمدون على مثل هذه الأساليب إلى التكيف مع الإيقاع الجديد، وإيجاد طرق أخرى للتأثير على سير المباريات دون المجازفة بفقدان السيطرة داخل منطقة الجزاء.
ويثير القرار انقساماً بين الجماهير والمحللين، حيث يرى المؤيدون أن القرار يعزز النزاهة والسرعة في المباريات، ويحد من الممارسات السلبية، التي تُفسد متعة اللعبة، أما المعارضون فيعتقدون أن «فيفا» يفرض مزيداً من القيود على حراس المرمى، في وقت أصبحوا فيه مطالبين بتطوير أدوارهم الدفاعية والهجومية على حد سواء، وعلى صعيد التحكيم هناك تساؤلات حول مدى التطبيق الصارم للقرار، وما إذا كان قضاة الملاعب سيتعاملون معه بمرونة أم سيتم احتساب الركلات الركنية فور تجاوز الوقت المسموح به.