كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي شغف وانتماء وصراع أحياناً، وعندما تشتد المنافسة بين الغريمين يتحول الديربي من مواجهة كروية إلى معركة جماهيرية، تحتاج إلى إجراءات أمنية مشددة، للحفاظ على النظام، وضمان سلامة اللاعبين والمشجعين.
وفي بعض المباريات لا يقتصر التوتر داخل المستطيل الأخضر، بل يمتد إلى المدرجات والشوارع، ما يجعل الديربيات الكبرى تحدياً أمنياً، يتطلب تدخل الآلاف من عناصر الشرطة في كل مرة.
وخطف ديربي إسطنبول بين غلطة سراي وفنربخشة، الذي أقيم على ملعب رامس بارك الشهر الماضي، الأنظار رغم نهايته بالتعادل السلبي ، حيث تم تخصيص 32 ألف عنصر أمن لتأمين المباراة، بسبب التاريخ الطويل من الاشتباكات الجماهيرية بين الفريقين.
وكالعادة، لم تخلُ المواجهة من المشاحنات، حيث شهد اللقاء إلقاء الشماريخ والمقذوفات داخل الملعب، كما أطلقت تصريحات مثيرة للجدل من المدرب جوزيه مورينيو، أشعلت الأجواء بين الجماهير.
نستعرض في هذا التقرير 10 من أقوى ديربيات ومواجهات في العالم، التي تشتهر بأجوائها العدائية، وتحتاج إلى تأمين أمني ضخم، لمنع تحول الملاعب إلى ساحات قتال بين المشجعين.
معركة جماهيرية
يعتبر ديربي بلغراد في صربيا بين النجم الأحمر وبارتيزان واحداً من أعنف الديربيات في العالم، حيث يمتد التنافس بين الفريقين، ليشمل أبعاداً سياسية واجتماعية تزيد من اشتعال الأجواء داخل وخارج الملعب، ودائماً ما تتحول المواجهة إلى معركة جماهيرية، تشهد اشتباكات بين مجموعات الأولتراس.
وتمتد إلى شوارع العاصمة بلغراد، مما يستدعي إجراءات أمنية مشددة، تشمل نشر قوات مكافحة الشغب، واستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه للسيطرة على الأوضاع. وشهدت مباريات الديربي أعمال عنف مروعة، أبرزها في عام 2017 عندما اندلعت مواجهات بين الجماهير بالأسلحة البيضاء، أدت إلى إصابات خطيرة، وحالات فوضى عارمة.
وللحد من هذه الاشتباكات تفرض السلطات قيوداً صارمة على حضور الجماهير الضيوف، مع تفتيش أمني مكثف، وانتشار أعداد كبيرة من رجال الأمن، ورغم ذلك لا تزال هذه المواجهة واحدة من أخطر الديربيات في أوروبا من الناحية الأمنية.
السوبر كلاسيكو
عندما يلتقي بوكا جونيورز وريفر بليت في الأرجنتين تتحول بوينس آيرس إلى ساحة معركة كروية، حيث إن السوبر كلاسيكو الأرجنتيني يعد واحداً من أعنف الديربيات في العالم.
ويتجاوز التنافس بين الفريقين حدود الرياضة إلى صراع اجتماعي بين بوكا جونيورز، النادي الشعبي القادم من الأحياء الفقيرة، وريفر بليت، الذي يمثل الطبقة الثرية، ولا تقتصر التوترات على الملعب، بل تمتد إلى الشوارع والمدرجات، مما يدفع السلطات إلى نشر الآلاف من رجال الشرطة لتأمين المباريات، ومنع حدوث أعمال شغب.
وكان نهائي كأس ليبرتادوريس عام 2018 أبرز مثال على حدة هذا الديربي، حيث أدى هجوم جماهير ريفر بليت على حافلة لاعبي بوكا جونيورز إلى إلغاء المباراة، ونقلها إلى مدريد، في سابقة تاريخية.
أولد فيرم
ديربي أولد فيرم الأسكتلندي بين سلتيك ورينجرز من أكثر الديربيات عدائية في أوروبا، حيث يمتد التنافس بين الفريقين إلى جذور سياسية ودينية، تزيد من اشتعال المواجهات بين الجماهير، سواء داخل المدرجات أو في شوارع غلاسكو، دائماً ما تتطلب هذه المباريات إجراءات أمنية مشددة، مع انتشار قوات الشرطة، لمنع حدوث أعمال عنف، خاصة أن الديربي شهد اشتباكات دامية، واعتقالات جماعية على مدار تاريخه.
وحدثت أبرز أحداث العنف في الديربي عام 1999، عندما أُصيب الحكم هيو دالاس بزجاجة ألقيت من المدرجات، كما اندلعت أعمال شغب واسعة بعد اللقاء، ولمواجهة هذه الفوضى فرضت السلطات الأسكتلندية قيوداً صارمة على حضور جماهير الفريق الزائر وتقليل أعدادهم، مع تحديد منافذ الخروج.
ديربي إسطنبول
ديربي إسطنبول بين غلطة سراي وفنربخشة واحد من أكثر الديربيات اشتعالاً في كرة القدم العالمية، حيث تتخطى المنافسة حدود الملعب إلى الجماهير، التي تشعل الأجواء بحماسها الشديد، ما يستدعي دائماً إجراءات أمنية مشددة، وفي آخر مواجهة بين الفريقين.
والتي أقيمت الشهر الماضي في ملعب رامس بارك، تم تخصيص 32 ألف فرد أمن لتأمين المباراة، في ظل التاريخ الطويل من الاشتباكات بين مشجعي الناديين.
ورغم هذه التدابير لم يخلُ اللقاء من التوتر، حيث ألقت بعض جماهير فنربخشة الشعلات النارية على مشجعي غلطة سراي، مما أدى إلى إيقاف المباراة في الدقيقة 52.
كما زاد المدرب جوزيه مورينيو من حدة الأزمة بتصريحات مثيرة للجدل وصفت بالعنصرية، ما دفع غلطة سراي إلى تقديم شكاوى رسمية ضد المدرب، ومع استمرار مثل هذه الأحداث يظل ديربي إسطنبول واحداً من أكثر الديربيات، التي تحتاج إلى تأمين أمني ضخم، لضبط الأوضاع داخل وخارج الملعب.
ديربي روما
يمكن اعتبار ديربي ديلا كابيتالي بين روما ولاتسيو واحداً من أكثر الديربيات سخونة في إيطاليا، حيث تمتد المنافسة إلى أبعاد اجتماعية وتاريخية تزيد من التوتر داخل وخارج الملعب، وتُقام المباراة على الملعب الأولمبي في روما، وغالباً ما تشهد أجواء مشحونة، تتطلب إجراءات أمنية مشددة، مع فرض طوق أمني حول الاستاد وعمليات تفتيش مكثفة، لمنع حدوث أعمال شغب بين الجماهير المتعصبة.
وشهد الديربي العديد من أعمال العنف الكبرى، وأبرزها في عام 2004 عندما أُلغيت المباراة بسبب شائعات عن وفاة طفل خارج الملعب، مما أدى إلى اشتباكات واسعة، وللحد من التوتر اتخذت السلطات قرارات مثل تقليل أعداد الجماهير.
وفرض عقوبات صارمة على المشاغبين، ورغم ذلك لا يزال الديربي إحدى أكثر المواجهات خطورة في أوروبا من الناحية الأمنية، حيث تُفرض قيود على بيع التذاكر لمشجعي الفريق الضيف، مع انتشار قوات مكافحة الشغب داخل وخارج الملعب.
مهاجرون وعمال
يُعد ديربي ريو دي جانيرو بين فلامنغو وفاسكو دا غاما في البرازيل من أعنف المواجهات في كرة القدم البرازيلية، حيث يمتد التنافس إلى أبعاد اجتماعية وتاريخية، إذ يمثل فاسكو دا غاما المجتمع البرتغالي المهاجر.
بينما يُعرف فلامنغو بشعبيته بين الطبقات العاملة، مما يزيد من حدة العداء بين الفريقين، وتشهد المباريات، خاصة على ملعب ماراكانا، إجراءات أمنية مكثفة مع نشر آلاف من رجال الشرطة، لمنع حدوث اشتباكات بين الجماهير المتعصبة.
وإحدى أكثر الحوادث دموية كانت في عام 2017 عندما اندلعت اشتباكات عنيفة خارج ملعب ساو جانواريو، مما أسفر عن مقتل مشجع، وإصابة العشرات، واضطرت الشرطة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، لتجنب العنف.
وتفرض السلطات قيوداً على تنقل الجماهير، وتقليل عدد التذاكر المخصصة للفريق الضيف، لكن رغم هذه الإجراءات يظل هذا الديربي واحداً من أكثر المواجهات شراسة واحتقاناً جماهيرياً في العالم.
ديربي القاهرة
ديربي القاهرة بين الأهلي والزمالك من أشهر المواجهات في العالم العربي وأفريقيا، حيث يمتد التنافس إلى الجماهير، التي ترى اللقاء أكثر من مجرد مباراة، بل صراع كروي يحمل تبعات كبيرة، ولضبط الأوضاع، يتم نشر آلاف من عناصر الأمن والقوات الخاصة في شوارع القاهرة مع فرض قيود على دخول الجماهير، لتجنب أعمال الشغب، التي شهدها الديربي في مناسبات عديدة.
كما حدث في نهائي دوري أبطال أفريقيا 2020، الذي تطلب إجراءات أمنية غير مسبوقة، بسبب الأجواء المتوترة بين الجماهير والتراشق الإعلامي قبل المباراة. ورغم التاريخ الحافل بالتوترات بدأت حدة الشغب الجماهيري تتراجع مع فرض قيود على أعداد الحضور.
فبعدما كان استاد القاهرة يتسع لـ 80 ألف مشجع، شهد آخر ديربي حضور 20 ألف متفرج فقط لكل فريق، مما أسهم في تقليل الاحتقان في المدرجات، ومع ذلك لا تزال المواجهة تتطلب خطة أمنية صارمة، تشمل التفتيش المشدد، وتحديد منافذ الدخول والخروج، لضمان عدم تحول القمة الكروية إلى ساحة مواجهات.
صراع النخبة والتمرد
لقاء باريس سان جيرمان وأولمبيك مارسيليا المعروف بـ «لو كلاسيك»، وهو أكثر ديربيات فرنسا سخونة، حيث يمتد التنافس بين الفريقين إلى صراع ثقافي بين باريس، رمز السلطة والنخبة، ومارسيليا، التي تمثل التمرد والانتماء الشعبي، هذه الخلفية جعلت المواجهات بينهما تتسم بأجواء متوترة وأعمال عنف متكررة، ما يستدعي إجراءات أمنية مشددة، خاصة في المباريات التي تُقام على ملعب فيلودروم أو حديقة الأمراء.
حيث يتم نشر الآلاف من رجال الشرطة وقوات مكافحة الشغب، لمنع وقوع اشتباكات جماهيرية.ومن أبرز أحداث الشغب في الديربي كانت مواجهة أكتوبر عام 2012 عندما اندلعت اشتباكات عنيفة قبل المباراة، مما أدى إلى إصابة العشرات، واعتقال العديد من المشجعين.
كما شهدت مباريات أخرى إلقاء الشماريخ والمقذوفات داخل الملعب وتحطيم المقاعد، ولمواجهة هذه الفوضى، منعت السلطات جماهير الفريق الضيف من حضور بعض المواجهات أو حددت أعدادهم بشكل صارم، لكن رغم هذه الإجراءات لا يزال «لو كلاسيك» واحداً من أعنف الديربيات في أوروبا، حيث يتطلب تأميناً أمنياً صارماً في كل مواجهة.
الكلاسيكو
يُعد الكلاسيكو الإسباني بين ريال مدريد وبرشلونة من أضخم الأحداث الرياضية في العالم، حيث يمتد التنافس إلى أبعاد تاريخية وسياسية جعلت المواجهة تحظى باهتمام عالمي هائل، ونظراً للحساسية المحيطة بالمباراة يتم نشر قوات أمنية ضخمة في ملعب سانتياغو برنابيو في مدريد أو ملعب كامب نو في برشلونة، مع فرض إجراءات تفتيش مشددة، وانتشار فرق مكافحة الشغب، لضمان سير اللقاء دون مشاكل.
وشهد الكلاسيكو بعض الأحداث الأمنية الكبرى، أبرزها احتجاجات كتالونيا في ديسمبر عام 2019، التي أدت إلى اضطرابات داخل وخارج ملعب كامب نو، ما استدعى تدخل قوات الأمن لإغلاق الشوارع، وتأمين مسارات الفريقين، ورغم تراجع العنف داخل الملاعب في السنوات الأخيرة، لا تزال التدابير الأمنية مشددة للغاية لحماية الجماهير واللاعبين، مما يجعل الكلاسيكو واحداً من أكثر المباريات، التي تحتاج إلى تأمين مكثف، لضبط الأجواء التنافسية الحادة.
ديربي الغضب
يُعرف ديربي ميلانو بين ميلان وإنتر ميلان بـ«ديربي الغضب»، وهو من أعرق الديربيات في العالم، حيث يجمع بين اثنين من أعظم الأندية الأوروبية على ملعب جوزيبي مياتزا «سان سيرو»، رغم أنه ديربي شديد الحماسة، إلا أن حدة العنف فيه أقل مقارنة بديربيات أخرى مثل ديربي روما، ومع ذلك فرضت بعض المواجهات تدابير أمنية مشددة، خاصة في المباريات الحاسمة أو الأوروبية بين الفريقين.
وأحد أبرز أحداث الشغب في الديربي كان في دوري أبطال أوروبا 2005 عندما أُوقفت المباراة، بسبب شغب جماهير ميلان، الذين ألقوا الشماريخ على أرض الملعب، مما أدى إلى إصابة حارس إنتر فرانشيسكو تولدو، ومع تشديد القوانين الأمنية في إيطاليا تراجعت نسبة العنف.
لكن السلطات لا تزال تفرض إجراءات احترازية مشددة، تشمل الفصل بين الجماهير، وتفتيشاً أمنياً دقيقاً، مما يجعل الديربي رغم قلة أعمال الشغب فيه لا يزال بحاجة إلى تأمين أمني مكثف، بسبب الشعبية الكبيرة، والتنافس التاريخي بين الفريقين.