لم يكن انتقال نيمار دا سيلفا إلى سانتوس البرازيلي مجرد عودة إلى جذوره الكروية، بل أصبح نقطة تحول في مسيرته بعد فترة من التراجع والإصابات التي أثرت على مستواه خلال تجربته في الهلال السعودي، خلال أول 17 يوماً فقط مع الفريق البرازيلي، تمكن نيمار من تحقيق أرقام تفوقت على ما قدمه في 17 شهراً مع الهلال، ليعيد طرح اسمه بقوة على الساحة الكروية، وخاصة مع اقتراب كأس العالم 2026، حيث يسعى لاستعادة بريقه والمنافسة على أعلى المستويات.
عندما وقع نيمار عقده مع الهلال في صيف 2023، كان الجميع يترقب أداءه في الدوري السعودي كإضافة قوية لمشروع الكرة السعودية الطموح، لكن الإصابات المتكررة حالت دون ظهوره المنتظر، ليكتفي بالمشاركة في دقائق معدودة على مدار 17 شهراً لم تشهد أي لحظات بارزة باستثناء بعض التمريرات الحاسمة، ولم يكن الهلال قادراً على الاستفادة من قدراته، في ظل اعتماد الفريق على إيقاع لعب سريع يتطلب جاهزية بدنية عالية، وهو ما افتقده نيمار بسبب الإصابات المتكررة.
حرية مفقودة
مع العودة إلى سانتوس، وجد نيمار نفسه في بيئة يعرفها جيداً، وسط أجواء أقل ضغوطاً مقارنة بتجربته في أوروبا وآسيا، وأعاده النادي إلى دوره المعتاد كقائد هجومي يتمتع بحرية الحركة في الملعب، بعيداً عن الالتزامات التكتيكية الصارمة التي فرضت عليه في الهلال، ومنحته هذه الحرية القدرة على التألق سريعاً، حيث سجل هدفين وصنع ثلاثة أهداف في أول 432 دقيقة لعبها مع الفريق، متجاوزاً أرقامه مع الهلال بفارق ملحوظ.
ولم يكن التألق الفردي فقط هو ما أعاد إحياء مسيرة نيمار، بل كان التفاعل الجماهيري في البرازيل عاملاً نفسياً محفزاً له، استقبله جمهور سانتوس بحفاوة، واعتبروا عودته جزءاً من إرث النادي الذي شهد انطلاقته الأولى، وأسهم هذا الدعم العاطفي في رفع معنوياته، وهو ما انعكس على أدائه في الملعب.
وسط هذه البداية القوية مع سانتوس، عاد الحديث مجدداً عن إمكانية عودة نيمار إلى برشلونة، حيث كشفت تقارير صحفية عن بدء النادي الكتالوني محادثات لاستعادة نجمه السابق.
ومع تألقه الحالي في سانتوس واستدعائه للمنتخب، يبدو أن نيمار قد بدأ استعادة النسخة الأفضل منه، وهو ما يجعله هدفاً محتملاً لكبار أوروبا في المستقبل القريب.
جاءت العودة القوية لنيمار مع سانتوس في توقيت مثالي، حيث تزامنت مع إعلان القائمة الأولية لمنتخب البرازيل لمواجهتي كولومبيا والأرجنتين في تصفيات كأس العالم 2026، والتي شهدت تواجد نيمار لأول مرة منذ إصابته في أكتوبر 2023، وضمت القائمة الأولية 52 لاعباً، على أن يتم تقليص العدد إلى 23 لاعباً في القائمة النهائية التي سيتم الإعلان عنها لاحقاً، ولم تكن عودة نيمار فقط هي المفاجأة، بل شهدت القائمة استدعاء أوسكار أيضاً، وهو ما يعكس رغبة المدرب في الاستفادة من الخبرة الكبيرة التي يمتلكها اللاعبان في المباريات الحاسمة.
ولم يمنح سانتوس نيمار فرصة جديدة فقط، بل أعاده إلى الحياة كروياً، وأعطاه الفرصة لاستعادة المتعة التي افتقدها خلال السنوات الأخيرة، ومع اقتراب كأس العالم 2026، تبدو هذه العودة خطوة أولى في رحلة إعادة بناء مسيرة اللاعب البرازيلي، الذي لا يزال يملك الكثير ليقدمه داخل المستطيل الأخضر.