في عالم التنس، حيث تُحسم المباريات بأجزاء من الثانية، لا يقتصر الإبداع على أداء اللاعبين فحسب، بل يمتد ليشمل قضاة الملعب الذين يتحملون مسؤولية اتخاذ القرارات الحاسمة، من بين هؤلاء، يبرز الحكم ثامر مجدي كواحد من الأسماء الصاعدة في مجال التحكيم، ليس فقط لكونه أصغر إماراتي يدخل مجال التحكيم في التنس، ولكن أيضاً لأنه يحمل حلماً كبيراً يتجاوز حدود الملاعب المحلية، ليصل إلى البطولات العالمية الكبرى «غراند سلام».
طموحه لا يقف عند إدارة المباريات في رولان غاروس أو أستراليا المفتوحة، بل يسعى ليكون أول حكم إماراتي يحصل على الشارة الدولية، في خطوة يراها جزءاً من مسيرته نحو حلمه الأكبر «جائزة محمد بن راشد للإبداع الرياضي»، التي يعتبرها وسام فخر لأي رياضي إماراتي، وقيمة معنوية تفوق أي تكريم آخر.
في حواره لـ «البيان»، يكشف ثامر مجدي عن رحلته من لاعب تنس شاب إلى حكم يطمح لتمثيل الإمارات على الساحة العالمية، ويتحدث عن التحديات التي يواجهها، والدعم الذي تلقاه من اتحاد التنس، ورسالته لشباب الإمارات لدخول عالم التحكيم.
بدأت مسيرتك كلاعب تنس قبل أن تتحول إلى التحكيم في سن مبكرة، ما الذي دفعك لاتخاذ هذا القرار؟
بالفعل، بدأت مسيرتي كلاعب، وشغفي باللعبة دفعني للبحث عن أفق أوسع داخل هذا المجال، كنت أريد أن أتعمق أكثر في تفاصيل التنس، وأدركت أن التحكيم يمنحني هذه الفرصة، والدي كان يعمل في نفس المجال، وكان لهذا تأثير كبير عليّ، حيث شعرت أن بإمكاني إثبات نفسي وإبراز موهبتي في التحكيم، مع مرور الوقت، أيقنت أن هذا المجال هو المساحة التي يمكنني الإبداع فيها، وقررت أن أكرّس جهودي لأكون أحد الحكام المميزين في عالم التنس.
هل ما زلت تمارس اللعبة على المستوى الشخصي، أم أن تركيزك الآن منصب بالكامل على التحكيم؟
تركيزي الآن منصب بشكل كامل على التحكيم، حيث أسعى للوصول إلى أعلى المستويات في هذا المجال، طموحي أن أصبح حكماً عاماً رسمياً، وأعمل بجد لتحقيق هذا الهدف، حلمي الأكبر هو أن أكون أول حكم إماراتي يحصل على الشارة الدولية كحكم عام، وهو ما يدفعني إلى التطور المستمر وبذل أقصى جهد في كل بطولة أشارك فيها.
قرارات
التحكيم في التنس يتطلب دقة كبيرة واتخاذ قرارات حاسمة في لحظات سريعة، كيف تدربت على هذا الجانب؟
التحكيم في التنس يحتاج إلى تركيز عالٍ ودقة متناهية في اتخاذ القرارات اللحظية، لأن أي خطأ بسيط قد يؤثر على مسار المباراة بالكامل، بدأت مشواري التحكيمي منذ أن كنت في الرابعة عشرة من عمري، ومع مرور السنوات اكتسبت خبرة واسعة حتى وصلت اليوم إلى أكثر من اثني عشر عاماً من العمل في هذا المجال، وخلال مسيرتي شاركت في تحكيم بطولات كبرى، حيث كنت حكم خط في بطولة سوق دبي الحرة للتنس، وبطولة مبادلة، وبطولة الحبتور، وبطولة أستراليا المفتوحة، عندما استضافتها الإمارات خلال جائحة كورونا، كما عملت كحكم عام مساعد في العديد من البطولات المحلية ومنها بطولات ITF Junior، وهي محطة مهمة في مسيرتي التحكيمية، حيث ساعدتني على تطوير مهاراتي في إدارة المباريات واتخاذ القرارات الحاسمة بثقة وسرعة.
وحالياً أستعد للمشاركة في بطولة دبي المفتوحة للتنس التي ستنطلق خلال أيام، حيث سأكون ضمن طاقم التحكيم، وهي فرصة جديدة لتعزيز خبرتي وتأكيد جاهزيتي للوصول إلى أعلى المستويات في التحكيم الدولي، وهذه التجارب محطة أساسية في تطويري، حيث أتعلم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة واتخاذ القرارات بسرعة ودقة، وبالتأكيد ما كنت عليه في بداياتي يختلف تماماً عن مستواي الحالي، فكل بطولة أخضها تضيف لي خبرة جديدة عززت من ثقتي وتحكمي في المباريات.
كيف ساعدك اتحاد الإمارات للتنس في رحلتك نحو التحكيم الدولي؟
اتحاد الإمارات للتنس كان داعماً كبيراً لي خلال مشواري التحكيمي، وخاصة أمين السر العام ناصر المرزوقي، الذي قدم لي دعماً كبيراً ولم يقصر معي أبداً، بفضله، حصلت على فرص للمشاركة في بطولات خارجية، مما ساعدني على اكتساب خبرة دولية أوسع، وعندما أدرك الاتحاد أنني أركز بشكل أكبر على التحكيم وأسعى لتطوير نفسي في هذا المجال، ازداد الدعم والتشجيع لي، وهو ما منحني دافعاً أكبر للاستمرار والسعي لتحقيق حلمي في الوصول إلى الشارة الدولية والتحكيم في البطولات الكبرى.
نجاحات
والدك كان حكماً دولياً أيضاً، كيف أثر في مسيرتك؟ وما أبرز نصيحة قدمها لك؟
والدي كان حكماً عاماً مساعداً في بطولة دبي المفتوحة منذ انطلاقتها، وبحكم مهنته كطبيب لم يكن يستطيع السفر كثيراً، لذلك تركّز مشواره التحكيمي بالكامل داخل هذه البطولة، وكان من أوائل الإماراتيين الذين حصلوا على الشارة الدولية في التحكيم «حكم كرسي»، كما شارك في بطولات دول مجلس التعاون الخليجي والبطولات العربية التي كانت تستضيفها لبنان.
كما كان الداعم الأول لي في مسيرتي التحكيمية، فهو الذي شجعني على الاستمرار في هذا المجال والعمل على تطوير نفسي، وخبرته التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً في التحكيم جعلته مصدراً غنياً للمعرفة، وتعلمت منه الكثير سواء في التعامل مع اللاعبين أو في اتخاذ القرارات الحاسمة داخل الملعب. دائماً ما كان يؤكد لي أن التحكيم لا يقتصر على القرارات الفنية فقط، بل يحتاج إلى شخصية قوية وتركيز عالٍ، وكانت هذه النصيحة بمثابة مفتاح نجاحي في المباريات التي أدرتها حتى اليوم.
هل تعتقد أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى اختفاء حكام التنس في المستقبل؟
التطور التكنولوجي شيء جيد، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في التحكيم يهدف في الأساس إلى تحقيق دقة أكبر في القرارات، لكن من وجهة نظري، هذه التقنية ستكون عاملاً مساعداً أكثر من كونها بديلاً كاملاً للحكام، قد تقلل من عدد الحكام داخل الملعب، لكنها لن تلغي دور العنصر البشري تماماً، حتى في البطولات التي تم فيها تطبيق هذه التقنية، لا يزال هناك حكام متواجدون كخيار احتياطي «Standby» للتدخل في حال حدوث أي خلل في النظام، لذلك، أرى أن الذكاء الاصطناعي سيظل مكملاً للتحكيم البشري، وليس بديلاً مطلقاً له.
تسعى لنيل شرف الحصول على جائزة محمد بن راشد للإبداع الرياضي، ما الذي يعنيه لك هذا التكريم؟ وكيف تخطط للوصول إليه؟
الحصول على جائزة محمد بن راشد للإبداع الرياضي يعد شرفاً عظيماً لأي شخص، خاصة إذا كان إماراتياً، فهي ليست مجرد جائزة، بل وسام فخر واعتزاز يحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قيمتها المعنوية لا تُقارن بأي جائزة أخرى، لأنها تعكس التميز والريادة في المجال الرياضي، أسعى للوصول إلى هذا التكريم من خلال العمل الجاد والتطور المستمر في مجال التحكيم، وتحقيق إنجازات تُثبت جدارتي بتمثيل الإمارات في أكبر البطولات العالمية، وعلى رأسها الغراند سلام، هدفي هو أن أكون نموذجاً مشرفاً للتحكيم الإماراتي على المستوى الدولي، وهذا الحلم هو الدافع الأكبر لي للاستمرار والسعي نحو التميز.